!منظوري للأشياء
مما يثير الحيرة حقيقة ، كيف ان منظوري للأشياء يتغير مع الوقت ،

جميل
لا أُخفيكم بأنني لست مُتأكداً من فكرة إنشاء مدونة اكتب فيها ما يجول في ذهني ! ، رغم حقيقة الشعور بأن نفسي تلهُف الى الكتابه و تستهويها والشواهد على هذه الحقيقة كثيرة ، لدي اكثر من خمسة دفاتر "نوت بوك" مٌمتلئة حبراً و رصاصاً وبعض بقايا أكل ! ، فيها شخمطات لا اعرف ماذا تعني وجمل غير مترابطة ، وكلمات متقطعة ، وارقام جوالات وعناوين ، واسماء اشخاص لا اعرفهم ! . وعبارات مثل "حياك الله" "ياهلا والله " نتيجة انني أكلم في الجوال وانا ممسكاً القلم فأكتب ما اقول لاشعورياً !
ايضاً من الشواهد ان الملاحظات في جوالي بها اكثر من ٣٠٠ ملاحظة ايضاً ! ولا اخفيكم ايضاً انني مدمن على شراء الـ note book ، هذا اول مايستهويني في اي محل قرطاسية او مكتبه او إذا كنت مسافراً !.
ايضاً عندما يخطر لي خاطراً وقت قيادتي للسيارة فأني اهرع للوقوف دائماً لتسجيل تلك الافكار على الجوال ! لأكتشف انها لا تستحق تلك اللعنات والبواري من قائدي المركبات الذين استفززتهم لحظة انعطافي المفاجئ بالسيارة.
رغم كل هذه الشواهد لازلت لا اعلم ان كانت فكرة جيدة أن انشئ هذه المدونة ام لا ، اعتقد ان الحجر يلعب دور رئيسي في هذه المُجازفة !.
على صعيد آخر ، الاصدقاء المقربين مني يعرفون هذه الحقيقة ، (حقيقة أنني استهوي الكتابة وليس ان الكتابة تستهويني) الا أن أغلب كتاباتي لا تناسب ذوقهم ، ودائماً مايجدون في كتاباتي ذلك الحس المُتهكم والسوداوي الى حد كبير ! وايضاً يجدون كتاباتي مُغلقة وتفتقر الى الوضوح ، لذلك فمن باب الاستباق بالشيء فاني لا اعدكم ان هذه المدونه ستكون ثرية او مُفيدة ! ، لذا اسمحوا لي ان اعود الى موضوعي بعد هذه المقدمة .
ارتأيت ان تكون اول تدوينة في هذه المدونة عن قصة هذه الصورة ، حارتي التي وعيت على هذه الدنيا فيها ! ولكي أؤكد لكم اني اتمتع بذاكرة جيدة ، فمكان منزلنا يقع عن يسار سيارة الكامري بالضبط .
التقطت هذه الصورة سنة ٢٠١٧ ، قررت أحد الايام ان امر على حارتي القديمة بعد اكثر من ٢٠ سنه لاستعيد الذكريات ،
اول ما ذهلني عند مشاهدتي للحارة هو انها كيف اصبحت بهذا الضيق ! والصغر ! ، كنت اتذكر كيف ان هذه الحارة كانت اشبه بإستاد الملك فهد ! يقام فيها مباريات كرة قدم وطائرة ! وكنا حريصين على ان تكون المبارايات احترافية بكل ماتعنيه الكلمة ! مشمولة بالفاولات والركنيات والبلنتيات ! .
كيف لهذه الحارة الصغيرة ان تستوعب كل هذا ! .
اتذكر ان كل شي كان اضعاف حجمه الحالي ! المسافة من منزلنا الى بقالة "عباس" التي تقبع اخر الحارة نزولاً ، اختلفت ! ، المنازل كانت واسعه ! و شاهقة تناطح السحاب ! ، فما الذي تغير ! .
لم اوافق يوماً على العبارة التي تقول " زمان الطيبين كانت الصدور و الانفس وسيعة " قناعتي ان هذه المقولة ليست صحيحة بسبب ان العقل ينتخب ماهو جميل من الذكريات ويضيف عليها تلك الحسرة وشعور الرغبة في العودة لتلك اللحظات فلاشعورياً وبحكم ان نظرتنا للامور تكون بسيطة في تلك الايام نُسقط الجمال والطيبة والبراءة على كل شي في تلك الذكريات وهذا مايُعرف بعقدة الحنين الى الماضي الـ"نوستالجيا" في الحقيقة فإن الطيبة موجودة في كل زمان ووقت والعكس ايضاً ، ولكن منظورنا للأشياء يكون اكثر تعقيداً مع مرور الزمن .
ولكن رغم هذا الا انه ظاهرياً هذه المقولة تصدق ، فعند مشاهدتي لحارتي القديمة تمنيت لو يعود الزمن ويعود لي ذلك المنظور الطفولي للأشياء مرة أخرى ، ذلك المنظور الذي يجد في الاشياء الضيقة سعة ، ويجد في القليل الكثير ، ويجد في البساطة إبداعاً وجمالاً ، تمنيت ان تعود حواسي لقوتها التي كانت عليها في ذلك الوقت تلتقط كل شيء بلذه ، تستمع بكل شي ! رائحة المطر ، والعسكريم ابو نص ، وبائع البليلة الذي ننتظره كل عصرية في الحارة ! تلك الرائحة التي نشمها ونحن في منازلنا !!.
سأُنهي ضربي على الكيبورد بهذه القصة عن احد اصدقائي ، والذي كان يشكو لي من الفجوة بينه وبين اخوانه الصغار ! خلال الحجر المنزلي ، يعبر صديقي بانه يعاني من التواصل مع اخوانه المراهقين في المنزل وانه يلاحظ الفارق الكبير بين افكارهم وافكاره ، وانه تقريباً يناقشونه في كل شي ، واحياناً لايفهم عن ماذا يتحدثون ، والامر انه لايستوعب دُعاباتهم !
أجبته : يا صديقي العزيز لابد ان تعترف انك كهل ! فقد تجاوزت الثلاثين ، نصيحتي لك اجعل الامور ابسط معهم ! وتعلم منهم قبل ان تُعلمهم .
إن كان لي أمنية فهي ان أكون دائماً بسيطاً في نظرتي للناس ! على مستوى التعامل فقط ، بمعنى ان اكون مُحسن الظن فيهم ، ولكن هذا الخيار لايتاح لي دائماً .
رمضان كريم عليكم ، وحجر سعيد تكون فيه انفسكم وتفكيركم ابسط مع اللي محجورين معهم !
عامر